مروان خوري فنان رومانسي وواقعي في الوقت نفسه، يغلّف أغانيه وكليباته بمسحة من المشاعر ويضمنها تجارب من واقع الحياة… هكذا خطّ لنفسه مسيرة فنية نابعة من عمق شخصيته النابضة بالطموح والأحلام والتوّاقة إلى رؤية عالم أفضل لا حرب فيه ولا دمار.
حول توقيعه عقداً جديداً مع «ميوزك إز ماي لايف» تتولى من خلاله الشركة إدارة حفلاته في شتى أنحاء العالم، وتقييمه لتجربته الفنية وللأغنية العربية كان اللقاء التالي.
وقعت أخيراً عقداً مع شركة «ميوزك إز ماي لايف» تضمَّن عبارة «إدارة الحفلات»، ما المقصود بها لا سيما أنها جديدة في عالم الفن؟
تعني الحرية للفنان بالدرجة الأولى. ينسق الفنان إدارة حفلاته وتنظيمها مع الشركة التي وقع معها عقداً في هذا الشأن ليظهر أمام الجمهور بأبهى حلة. أعتقد أنها طريقة مثلى، لأنها لا تقيّد الفنان وتجعله أسير أي اتفاق، بل تخفف عنه عبء تنظيم حفلاته والمهرجانات التي يشارك فيها، ما يصبّ في مصلحته والشركة في آن، ثم هذا النوع من الشركات منتشر بكثرة في أوروبا.
ستظهر في الفترة المقبلة بأسلوب جديد، تحديداً استعراضي، كما يحدد البيان الصادر إثر توقيع الاتفاق.
على الفنان تجديد إطلالته باستمرار والظهور بحلة جديدة كي لا يسأم الجمهور منه، لكن لا يعني ذلك أن يغير جلده، بل أن يحافظ على تميزه ويطور هذا التميز.
إذاً ستبقى فنان الرومنسية.
بالتأكيد، إنما ظهوري بحلة جديدة يتعلق بمسائل تقنية سأستعملها في حفلاتي وهي حديثة للغاية.
هل صحيح أنك تأثرت كثيراً برحيل الفنانة وردة؟
فعلاً. وردة فنانة من جيل العمالقة، وقد سمحت لي الفرصة بأن أقدم معها عملاً مشتركاً هو أغنية «أمل»، وفي أثناء التحضير لها، جلسنا سوياً وتحدثنا في أمور فنية وناقشنا نظرتها في الحياة… وقد سعدت بمعرفتها وحزنت لفراقها.
تردّد أنك وقعت عقداً مع «ميوزك إز ماي لايف» لأن لديها باعاً طويلاً في إدارة الحفلات في بلدان المغرب العربي حيث لك شعبية قوية، ما صحة ذلك؟
كان مشواري مع هذه الشركة طويلاً وناجحاً عندما تولّت إدارة أعمالي، من ثم افترقنا على وفاق، وعندما وقعت معها اتفاقاً ضمن هذا الإطار الجديد لم أفكر بمسألة المغرب العربي، ذلك أن الاتفاق يشمل شتى أنحاء العالم.
ترفض التطرق إلى أسباب ابتعادك عن الشركة ثم العودة إليها مجدداً، لماذا؟
لا أحب الدخول في قصص اعتبرها مضيعة لوقت القارئ الذي تهمه النتيجة أولاً وأخيراً، فالذين يحبونني يتمنون أن أحقق النجاح تلو الآخر، ولا يهمهم أن يعرفوا مع من وقعت عقداً أو من سينظم حفلاتي أو يدير أعمالي، بل أن أقدم أعمالاً جيدة ترضيهم.
لم تتخذ قراراً بالارتباط لغاية اليوم، فهل الحرية في الفن هي امتداد للحرية في الحياة الشخصية؟
على الإطلاق، الفن شيء والحرية الشخصية شيء آخر. أشبه الحرية في الفن بالروح، فهل نستطيع إمساك الروح بيدنا؟ بالتأكيد لا. كذلك الحال بالنسبة إلى الفنان، لا يمكن أن نمسك إبداعه بيدنا.
بالنسبة إلى الحياة الشخصية، يبلغ الإنسان مرحلة يشعر معها بالحاجة إلى الاستقرار ويصبح الارتباط أمراً حتمياً وقدرياً، لكن متى وأين وكيف؟ هذا هو السؤال.
إلى أي مدى تتأثر بالأحداث في الوطن العربي؟
يعبّر الفنان الحقيقي عن محيطه في أعماله، لأن الفن انعكاس لصورة المجتمع.
كيف تقيّم الأغنية العربية اليوم؟
ليست في أحسن حالاتها وهي تشبه الأحداث على الساحة العربية. ثمة جهود من بعض الفنانين للحفاظ عليها كل بطريقته. بدوري، أسعى إلى تقديم أعمال تعيش فترة طويلة، فالفنان يهمه أولاً وأخيراً ألا تمرّ أعماله مرور الكرام وأن تترك بصمة في أي زمان ومكان، هذا إذا كان فناناً حقيقياً بكل ما للكلمة من معنى. للأسف، باتت كلمة فنان في هذا العصر مطاطة وتطلق على من هبّ ودبّ، وهو أمر محبط للغاية. في النهاية، علينا أن نتعايش مع هذا الواقع، وإذا أردنا أن نقاومه ينبغي أن نقدم أعمالاً جديرة بالتوقف عندها.
ثمة اعتقاد بأنك توثِّق الحالات التي تمرّ بها في أعمالك، ما صحة ذلك؟
يتمتّع الفنان بشفافية تجعله قادراً على التقاط تجارب الآخرين وتحويلها إلى أعمال فنية بمنتهى الصدق، فيظن البعض أنها تجارب شخصية. حتى الأحداث السياسية قد تؤثر في الأعمال الفنية التي تصبح في مكان ما مفرطة في العاطفة، ربما هرباً من الواقع الأليم الذي نعيش فيه.
أثار كليب «كنا افترقنا» ضجة واتهمك كثر بالجرأة، فهل تحديت فيه مروان خوري الرومانسي؟
مضمون الكليب يشبه مجتمعنا في أحد وجوهه، وفيه لم أتجاوز الخطوط الحمراء ولا العادات والتقاليد. كان ضميري كإنسان وكفنان حاضراً خلال تنفيذ هذه الخطوة التي اعتبرها جريئة إنما ليست مستفزة، وإذا أردت أن استفز جمهوري سأفعل ذلك في أعمال تفرحه وتعبر عنه، وأعتقد أن أكثر ما يسعد الجمهور أن يكون الفنان لسان حاله.
هل تبقى قدرة الفنان على العطاء كبيرة إذا كان الواقع مضطرباً؟
يستطيع الفنان توظيف هذه الناحية السلبية وتحويلها إلى منحى إيجابي من خلال عطائه الفني، فتحت وطأة الهموم والظروف القاسية التي نواجهها أعتقد بأن الناس يلجأون في غالبيتهم إلى الموسيقى، لأنها عالم الحرية والروح ولا يستطيع أحد تكبيله، لذلك الفنان هو ملجأ من تقسو عليه الظروف، وعليه أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه.
ما أمنياتك للعالم العربي؟
أتمنى أن يكون عيد الفطر الذي صادف منذ أيام فاتحة خير وسلام على الأمة العربية، وأن ينعم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بالأمان، خصوصاً الأطفال الذين يكبرون اليوم أمام أعين أهلهم ولا يرون حولهم سوى الدماء والخراب والدمار. فضلاً عن ذلك، لا يعرف هؤلاء الأطفال على الإطلاق معنى كلمة «سلام» فيما يدركون تماماً معنى الحرب والقتل والدمار، وهذا أبشع ما يمكن أن يصيب الطفولة، فنحن اليوم ننشئ جيلاً لا تعيش في ذاكرته سوى مشاهد فظيعة.
ماذا عن عملك الجديد؟
أكتفي بالقول إنه مفاجأة بالمقاييس كافة.
منقول عن موقع الجريدة