عمشيت منهمكة في التحضير للاحتفال بانتخاب «فخامة العماد»
العماد سليمان متوسطاً من اليمين وسام بارودي (صهره)، ابنته الكبرى ريتا، ابنته لارا، زوجته السيدة وفاء وابنه شربل
العماد سليمان وسط أصدقائه مواطن في عمشيت يرفع صورة للعماد سليمان
مزيد من الصور
مارلين خليفة
نهارات عمشيت وسهراتها تتمحور حول موضوع واحد: انتخاب إبن البلدة العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهوريّة اللبنانية. ما إن بدأ إسم سليمان يتردد سياسياً على أنه المرشّح الأوفر حظّا للرئاسة الأولى حتى انقلب مزاج البلدة وتوحّدت أحاديثها وغرقت في الاستعداد للحدث، خصوصاً أنها أضحت مقصداً للإعلام المحلّي والعالمي، حيث السؤال واحد: من هو الجنرال سليمان؟
تعيش عائلة قائد الجيش المؤلفة من والدته وشقيقيه وشقيقة وحيدة اسمها لودي في حيّ صغير في وسط البلدة. أفراد العائلة مقلّون في الإجابة على أسئلة الصحافيين يتجنبون الخوض في تفاصيل وآراء كثيرة.
في أحياء البلدة الوادعة بين أحضان النخيل والقرميد يعمّ السكون في الليل، لكنّ البيوت والمؤسسات تضجّ بالأحاديث وبالتحضيرات لاستقبال «اليوم الكبير».
تحضيرات
في مساء يوم الجمعة الفائت وصلت الى بلديّة عمشيت كميات من الصور الرسمية للجنرال ميشال سليمان مع تلك اللفتة الجانبية مرتدياً البزّة التي تحوي الكثير من الأوسمة، إنها الصورة الوحيدة التي سمحت بها مديرية التوجيه. لكنّ رفوف المكتبات في منازل عمشيت تحوي صوراً أخرى للجنرال ببزّات مدنية، حيث يبدو بين أبناء بلدته أكثر انشراحاً: هنا في زيارة الى مقرّ البلدية يقطع قالب الحلوى، وهناك مع إعلاميي المنطقة وصورة أخرى في سهرة في منزل صديق...
يبدو رئيس بلدية عمشيت الدكتور أنطوان عيسى كثير الانشغال مع أعضاء المجلس البلدي مركزاً على أن تكون عمشيت على مستوى الحدث، «تعيش عمشيت اليوم جوّ عرس حقيقي منتظرة يوم الانتخاب لأن الاسم المطروح للإنقاذ هو من أبنائها وسيأتي بعد فراغ يحدث للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية، وهذا يعطي معنى أقوى وأكبر للحدث».
تحضّر بلدية عمشيت لمهرجان ضخم يوم الانتخاب حيث ستعمّ الزينة طرقاتها وشوارعها، وسيتمّ نصب شاشة عملاقة في «ساحة الجيش» لنقل جلسة الانتخاب وستكون إنارة مميزة (500 بروجكتور) إلى ألعاب نارية وأقواس نصر وبالونات طبعت عليها صور الجنرال سليمان وستسير في شوارع البلدة فرق موسيقيّة و«زفّات عروس» لفرق جبيلية عدّة. «ستستقبل عمشيت عريسها بفخر واعتزاز»، يردف عيسى قائلاً إنه سيطلب من المواطنين في البلدة «وضع شموع على شرفات منازلهم علامة دعاء لخلاص البلد وزرع الأعلام اللبنانية (استقدم زهاء 10 آلاف علم) علامة الوحدة الوطنية بحيث نحلم جميعاً بأن يتوحّد الوطن من خلال العماد سليمان».
لا يكتمل الحدث من دون أغنية للعماد سيكتبها الشاعر العميد القيّم محمّد ياسر الأيوبي، وسيلحّنها الفنّان مروان خوري، كذلك تمّ التعاقد مع محطّة «دش» خاصة ستبث أناشيد وطنية وأغنيات مصورة عن الجيش اللبناني من إنتاج مديرية التوجيه، أما القرى والبلدات المجاورة لعمشيت فتتحضّر أيضاً وخصوصاً لجهة الذبائح التي باتت جزءاً من الفولكلور اللبناني في المهرجانات الكبرى. أكثر من 50 شخصاً تجنّدوا للتحضير لمهرجان الانتخاب الذي سيعقبه مهرجان آخر بعد تسلم الرئاسة رسمياً، وعلى الرغم من كل هذه الأنشطة يبقى الخوف قائماً من ألا تكون كل الأمور على مستوى الحدث.
ذكريات
«رافقنا العماد سليمان في طفولته وفي شبابه وأحببناه لما يتمتع به من تواضع ووطنية وثقافة المحبة وقوّة الإصغاء للآخر، مرّة أردنا تسمية شارع على اسمه، فعلم بالأمر متأخراً، وما كان منه إلا أن أوقف التسمية في وزارة الداخلية»، يروي الدكتور أنطوان عيسى. يعرّج رئيس البلدية على موضوع هام وهو هجرة الشباب العمشيتي المتزايدة «وإذا حصل حلّ سياسي بقيادة العماد سليمان، فنأمل أن تتوقف الهجرة من عمشيت وبقية أنحاء الوطن».
آراء
خرّجت عمشيت شخصيات عدّة في تاريخها في السياسة والأدب والجيش والعلوم والمصارف والكهنوت وسواها من الحقول، لذا فإن عدداً ليس بقليل من أبنائها تراهم يرددون: «مش غريبة على عمشيت أن يخرج منها رئيس للجمهورية... كان لازم من زمان!».
وسط فرحتهم العارمة يسترجع العمشيتيون تاريخهم منتظرين بفارغ الصبر انتخاب إبن بلدتهم مستذكرينه في مناسبات عدّة.
السفير المتقاعد بهجت لحود الذي يعرف سليمان منذ أعوام طويلة كونه إبن خاله وجاره يقول: «كسب لبنان رجلاً عاقلاً أرسى علاقات متوازنة مع الجميع، وهو استراتيجي جيد كفه نظيف ومثقف. سيأتي الجنرال سليمان ومعه أفكار ومشاريع عدة تتعلق، خصوصا بالأوضاع الاجتماعية والمعيشية للناس أي بالخبز اليومي للعائلات، خصوصاً الطبقات المتوسطة والفقيرة».
ريشار خليفة وهو مدير مصرف وصديق الجنرال في الثانوية عام 1968 يعبّر عن فرح عارم بوصول سليمان إلى سدّة الرئاسة الأولى ويعلّق على مقولة «مش كتيرة على عمشيت» التي يرددها البعض: «السبب بسيط يعود الى أصالة عمشيت عبر التاريخ حيث كانت دوماً مركزاً للقرار ومن هنا يرى العمشيتيون الأمور عادية إذ تحوي بلدتهم الكثير من العمداء والنواب والأدباء وقادة الجيش والإعلاميين والسفراء وسواهم من هنا لا تفاجأ عمشيت بمركز».
السيدة ماري خليفة (ربّة منزل) وجارة الجنرال تقول: «لا خوف على البلد بوصول العماد سليمان إلى الرئاسة، لأنه رجل متّزن ويقف على مسافة واحدة من الجميع، هذا هو سلوكه في حيّه وفي بلدته وهو سلوك توسّع على مساحة الوطن، أتمنى ألا يضطر إلى اتخاذ قرار لا يرضى عنه، ولكنني لا أعتقد أنه يقوم بذلك».
تقول مدير إذاعة راديو بيبلوراما الإعلامية نجاح مرعب: «إن عمشيت هي بلدة الكبار ومنذ فترة ونحن نترقب هذا الحدث والعماد سليمان يستحق كل خير وهو بقي وفياً لعمشيت التي يحبها كثيراً إلى درجة أنه أسمى إحدى البوارج التي قدّمت للجيش باسم «عمشيت»». وتروي السيدة نجاح عن مدى التزام العماد سليمان الديني وأنه كان يحضر قداس الأحد دوماً في كنيسة السيدة، وأنه متعبّد للقديس شربل، وتروي أنه كلما زاره زوجها يسأله عن صحتها وتفاصيل عن مرضها لا يسألها عادة إلا الطبيب المختص.
الصحافي نخلة مرعب صاحب مجلة «النديم» المناطقية بدأ التحضير لعدد خاص يحوي سيرة الجنرال سليمان وصوراً من ألبومه ومقالات عنه، ويقول: «معرفتي به جعلتني أكتشف إنسانا تربى على المحبة وترعرع في أحياء عمشيت وهو مجبول بالوفاء والإنضباطية والحكمة والإتزان، وبالتالي نتوسم فيه رئيساً يقود البلد إلى الخلاص».
يضيف مرعب:« يحب أن يعرف كل شيء عن المنطقة في جبيل بأدق التفاصيل».
المهندس الداخلي شادي روحانا يقول: «إنه مايسترو جيّد في الجيش وفي مواقفه السياسية المتناسقة، وهو أجمل هدية عيد ميلاد تتلقاها بلدتي».
الخبير المحلّف طوني غاريوس وهو جار الجنرال في عمشيت يروي عن جاره الذي سيصبح رئيساً للجمهورية: «إنه صاحب أخلاق عالية، مهذّب، يقوم بواجباته على أكمل وجه، لا يسمع صوته ولا يمكن الاختلاف معه. متواضع الى أقصى حدّ لم يبدّل المركز في قيادة الجيش من سلوكه. يحبّ جيرانه ويتصل بهم دائماً».
أستاذ الجنرال سليمان في الصف التاسع في مدرسة الإخوة المريميين أنطوان ضاهر يقول عن تلميذه: «كان مجتهداً في العربي والفرنسي وفي الحساب، يتميز بانضباطيته في الصف وكل رفاقه يحبونه». يضيف: «بقي التواصل معه عادياً بعد استلامه قيادة الجيش وأنا كأستاذ أفخر بتلميذي وهذا شرف لي ولعمشيت وللبنان أن يصل إبن بلدتي إلى سدّة الرئاسة».
الفيزيائي جوزف ضاهر، قال: «العماد شجرة من بستان مثمر هو عمشيت، وقد وصلت هذه الشجرة الى أقصى عطاءاتها بتبؤ رئاسة الجمهورية».
من جهته، يعبّر صديق عمشيت العميد القيّم محمد ياسر الأيوبي عن سعادته بانتخاب «صديقه الحميم والعزيز والغالي ميشال سليمان الذي أثق به ثقة عمياء، لأنه قام بمهمات صعبة كان فيها على مسافة واحدة من الجميع، وقاد الجيش اللبناني بأشرس معركة في نهر البارد وبلا سلاح»، ويصفه الأيوبي بـ«سليمان الحكيم»، لأنه رجل حيادي ورجل وفاق ويتمتع بإيجابية وبحكمة ويحظى أيضاً بمحبة عسكره وضباطه وبمحبة العالم».
«بلدة الكبار»
وصفت عمشيت تاريخياً بـ«بصرة لبنان» لكثرة أشجار النخيل فيها و«بلدة الكبار» لما أعطته من أعلام، وهي قلب بلاد جبيل النابض، تمتدّ مساحتها على خمسة كيلومترات ويعني اسمها المركّب «قبيلة شيت» أو «قوم شيت» وهو اسم عبري. زارها علماء ومستشرقون كثر وأحبوها، ومنهم العالم الأثري إرنست رينان الذي كتب في إحدى رسائله: «إنني أصرّح مع امرأتي وشقيقتي بأنّ عمشيت كانت لنا فردوساً». أما الأخ فرنان مهندس دير الإخوة المريميين في البلدة، فقال:«لقد زرت بلدات العالم فلم أر بلدة هواؤها ثابت لا يتغير سوى بلدة عمشيت». كثر أيضاً كتبوا عن عمشيت بلدة الكرم والضيافة، منهم على سبيل المثال العلامة الشيخ رشيد الشرتوني، الشيخ إبراهيم اليازجي وأمين الريحاني في كتابه «قلب لبنان» ونعوم مكرزل في جريدة «الهدى وسواهم.
لعبت عمشيت دوراً بارزاً على صعيد لبنان عامة، وجبيل خاصة في الحقل السياسي ومن أبنائها نذكر: فارس أفندي كرم، عضو مجلس الإدارة لمرات عدة، أسعد بك لحود، عضو مجلس الإدارة، ميشال يوسف لحود وهو ضابط في الجيش الفرنسي. في النيابة: أنيس الخوري (مؤلف قانون الواجبات والعقود)، زخيا طوبيا، شهيد الخوري، روفايل لحود، نجيب الخوري، وميشال الخوري وناظم الخوري والنائب حالياً الدكتور وليد الخوري. في الوزارة: يوسف الحكيم كرم وزير عدلية في الحكومة السورية، العماد فيكتور خوري وزير الدفاع وقائد الجيش في عهد الرئيس الياس سركيس. في السلك الخارجي: السفير المتقاعد نزيه لحود القنصل جوزف يزبك والسفير المتقاعد بهجت لحود. في السلك الكهنوتي: البطريرك إرميا العمشيتي كان أبرز الشخصيات الكهنوتية من البلدة. أدبياً الكاتبة المهاجرة عفيفة كرم وهي من كتبت أول رواية نسائية في العالم العربي، أديب لحود شاعر ومسرحي ومؤسس المدرسة الوطنية التي خرّجت أجيالاً إلى شخصيات كثيرة لا مجال لذكرها وقد وردت بالتفصيل في الموسوعة التي أعدّها الصحافي نخلة مرعب بعنوان «بلاد جبيل في القرن العشرين».
أما في سلك الأدب والمحاماة فيبرز اسم المحامي عبد الله لحّود الذي يصفه المفكّر منح الصلح بقوله: «إنه قيمة لبنانية من نوع خاص وهو ذلك النوع المبدئي المتعمق الباحث الخالي من الغرائز والنعرات. أقول ذلك على الرغم من أنّ أكبر المستفيدين من هذا الكلام هو رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي تدرّج محامياً في مكتبه ويذكره دائماً بالخير».
لعائلة سليمان أيضاً رجال برزوا عبر التاريخ: جدّ الجنرال سليمان غطاس سليمان كان رئيساً لديوان المحكمة القضائية في جبل لبنان زمن الانتداب الفرنسي. خال جدّه فارس أفندي كرم كان عضو مجلس المبعوثين أيام المتصرفية. وخال والده أديب لحود مؤرخ وكاتب ومؤسس المدرسة الوطنية عام 1908 التي خرّجت أجيالاً، وعمّه فارس غطاس سليمان كان شاعراً ولغوياً ومدرّس اللغة العربية في الشام.
يصف العميد القيّم محمد ياسر الأيوبي عمشيت بأنها: «حلوة بطبيعتها، جامعة بين الأصالة والحداثة، تغسل رجليها بالبحر وترفع برأسها فيصل نحو الجبل، مجلببة بالنخيل بشكل دائم، أهلها يتمتعون بعقلية عربية، لا تقوقع فيها ولا انعزالية بل انفتاح على العروبة وعلى لبنان ككل، فينسجمون مع العالم كله، لأنهم شعب مسالم».
ربّما بسبب هذه المواصفات باتت عمشيت مرغوبة من سكان مدن وبلدات وقرى أخرى وإذا كان عدد سكانها يبلغ 20 الف نسمة إلا أنّ بينهم 6 آلاف فحسب من البلدة نفسها فيما يبلغ عدد الناخبين فيها 3300 ناخب.
العماد سليمان متوسطاً من اليمين وسام بارودي (صهره)، ابنته الكبرى ريتا، ابنته لارا، زوجته السيدة وفاء وابنه شربل
العماد سليمان وسط أصدقائه مواطن في عمشيت يرفع صورة للعماد سليمان
مزيد من الصور
مارلين خليفة
نهارات عمشيت وسهراتها تتمحور حول موضوع واحد: انتخاب إبن البلدة العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهوريّة اللبنانية. ما إن بدأ إسم سليمان يتردد سياسياً على أنه المرشّح الأوفر حظّا للرئاسة الأولى حتى انقلب مزاج البلدة وتوحّدت أحاديثها وغرقت في الاستعداد للحدث، خصوصاً أنها أضحت مقصداً للإعلام المحلّي والعالمي، حيث السؤال واحد: من هو الجنرال سليمان؟
تعيش عائلة قائد الجيش المؤلفة من والدته وشقيقيه وشقيقة وحيدة اسمها لودي في حيّ صغير في وسط البلدة. أفراد العائلة مقلّون في الإجابة على أسئلة الصحافيين يتجنبون الخوض في تفاصيل وآراء كثيرة.
في أحياء البلدة الوادعة بين أحضان النخيل والقرميد يعمّ السكون في الليل، لكنّ البيوت والمؤسسات تضجّ بالأحاديث وبالتحضيرات لاستقبال «اليوم الكبير».
تحضيرات
في مساء يوم الجمعة الفائت وصلت الى بلديّة عمشيت كميات من الصور الرسمية للجنرال ميشال سليمان مع تلك اللفتة الجانبية مرتدياً البزّة التي تحوي الكثير من الأوسمة، إنها الصورة الوحيدة التي سمحت بها مديرية التوجيه. لكنّ رفوف المكتبات في منازل عمشيت تحوي صوراً أخرى للجنرال ببزّات مدنية، حيث يبدو بين أبناء بلدته أكثر انشراحاً: هنا في زيارة الى مقرّ البلدية يقطع قالب الحلوى، وهناك مع إعلاميي المنطقة وصورة أخرى في سهرة في منزل صديق...
يبدو رئيس بلدية عمشيت الدكتور أنطوان عيسى كثير الانشغال مع أعضاء المجلس البلدي مركزاً على أن تكون عمشيت على مستوى الحدث، «تعيش عمشيت اليوم جوّ عرس حقيقي منتظرة يوم الانتخاب لأن الاسم المطروح للإنقاذ هو من أبنائها وسيأتي بعد فراغ يحدث للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية، وهذا يعطي معنى أقوى وأكبر للحدث».
تحضّر بلدية عمشيت لمهرجان ضخم يوم الانتخاب حيث ستعمّ الزينة طرقاتها وشوارعها، وسيتمّ نصب شاشة عملاقة في «ساحة الجيش» لنقل جلسة الانتخاب وستكون إنارة مميزة (500 بروجكتور) إلى ألعاب نارية وأقواس نصر وبالونات طبعت عليها صور الجنرال سليمان وستسير في شوارع البلدة فرق موسيقيّة و«زفّات عروس» لفرق جبيلية عدّة. «ستستقبل عمشيت عريسها بفخر واعتزاز»، يردف عيسى قائلاً إنه سيطلب من المواطنين في البلدة «وضع شموع على شرفات منازلهم علامة دعاء لخلاص البلد وزرع الأعلام اللبنانية (استقدم زهاء 10 آلاف علم) علامة الوحدة الوطنية بحيث نحلم جميعاً بأن يتوحّد الوطن من خلال العماد سليمان».
لا يكتمل الحدث من دون أغنية للعماد سيكتبها الشاعر العميد القيّم محمّد ياسر الأيوبي، وسيلحّنها الفنّان مروان خوري، كذلك تمّ التعاقد مع محطّة «دش» خاصة ستبث أناشيد وطنية وأغنيات مصورة عن الجيش اللبناني من إنتاج مديرية التوجيه، أما القرى والبلدات المجاورة لعمشيت فتتحضّر أيضاً وخصوصاً لجهة الذبائح التي باتت جزءاً من الفولكلور اللبناني في المهرجانات الكبرى. أكثر من 50 شخصاً تجنّدوا للتحضير لمهرجان الانتخاب الذي سيعقبه مهرجان آخر بعد تسلم الرئاسة رسمياً، وعلى الرغم من كل هذه الأنشطة يبقى الخوف قائماً من ألا تكون كل الأمور على مستوى الحدث.
ذكريات
«رافقنا العماد سليمان في طفولته وفي شبابه وأحببناه لما يتمتع به من تواضع ووطنية وثقافة المحبة وقوّة الإصغاء للآخر، مرّة أردنا تسمية شارع على اسمه، فعلم بالأمر متأخراً، وما كان منه إلا أن أوقف التسمية في وزارة الداخلية»، يروي الدكتور أنطوان عيسى. يعرّج رئيس البلدية على موضوع هام وهو هجرة الشباب العمشيتي المتزايدة «وإذا حصل حلّ سياسي بقيادة العماد سليمان، فنأمل أن تتوقف الهجرة من عمشيت وبقية أنحاء الوطن».
آراء
خرّجت عمشيت شخصيات عدّة في تاريخها في السياسة والأدب والجيش والعلوم والمصارف والكهنوت وسواها من الحقول، لذا فإن عدداً ليس بقليل من أبنائها تراهم يرددون: «مش غريبة على عمشيت أن يخرج منها رئيس للجمهورية... كان لازم من زمان!».
وسط فرحتهم العارمة يسترجع العمشيتيون تاريخهم منتظرين بفارغ الصبر انتخاب إبن بلدتهم مستذكرينه في مناسبات عدّة.
السفير المتقاعد بهجت لحود الذي يعرف سليمان منذ أعوام طويلة كونه إبن خاله وجاره يقول: «كسب لبنان رجلاً عاقلاً أرسى علاقات متوازنة مع الجميع، وهو استراتيجي جيد كفه نظيف ومثقف. سيأتي الجنرال سليمان ومعه أفكار ومشاريع عدة تتعلق، خصوصا بالأوضاع الاجتماعية والمعيشية للناس أي بالخبز اليومي للعائلات، خصوصاً الطبقات المتوسطة والفقيرة».
ريشار خليفة وهو مدير مصرف وصديق الجنرال في الثانوية عام 1968 يعبّر عن فرح عارم بوصول سليمان إلى سدّة الرئاسة الأولى ويعلّق على مقولة «مش كتيرة على عمشيت» التي يرددها البعض: «السبب بسيط يعود الى أصالة عمشيت عبر التاريخ حيث كانت دوماً مركزاً للقرار ومن هنا يرى العمشيتيون الأمور عادية إذ تحوي بلدتهم الكثير من العمداء والنواب والأدباء وقادة الجيش والإعلاميين والسفراء وسواهم من هنا لا تفاجأ عمشيت بمركز».
السيدة ماري خليفة (ربّة منزل) وجارة الجنرال تقول: «لا خوف على البلد بوصول العماد سليمان إلى الرئاسة، لأنه رجل متّزن ويقف على مسافة واحدة من الجميع، هذا هو سلوكه في حيّه وفي بلدته وهو سلوك توسّع على مساحة الوطن، أتمنى ألا يضطر إلى اتخاذ قرار لا يرضى عنه، ولكنني لا أعتقد أنه يقوم بذلك».
تقول مدير إذاعة راديو بيبلوراما الإعلامية نجاح مرعب: «إن عمشيت هي بلدة الكبار ومنذ فترة ونحن نترقب هذا الحدث والعماد سليمان يستحق كل خير وهو بقي وفياً لعمشيت التي يحبها كثيراً إلى درجة أنه أسمى إحدى البوارج التي قدّمت للجيش باسم «عمشيت»». وتروي السيدة نجاح عن مدى التزام العماد سليمان الديني وأنه كان يحضر قداس الأحد دوماً في كنيسة السيدة، وأنه متعبّد للقديس شربل، وتروي أنه كلما زاره زوجها يسأله عن صحتها وتفاصيل عن مرضها لا يسألها عادة إلا الطبيب المختص.
الصحافي نخلة مرعب صاحب مجلة «النديم» المناطقية بدأ التحضير لعدد خاص يحوي سيرة الجنرال سليمان وصوراً من ألبومه ومقالات عنه، ويقول: «معرفتي به جعلتني أكتشف إنسانا تربى على المحبة وترعرع في أحياء عمشيت وهو مجبول بالوفاء والإنضباطية والحكمة والإتزان، وبالتالي نتوسم فيه رئيساً يقود البلد إلى الخلاص».
يضيف مرعب:« يحب أن يعرف كل شيء عن المنطقة في جبيل بأدق التفاصيل».
المهندس الداخلي شادي روحانا يقول: «إنه مايسترو جيّد في الجيش وفي مواقفه السياسية المتناسقة، وهو أجمل هدية عيد ميلاد تتلقاها بلدتي».
الخبير المحلّف طوني غاريوس وهو جار الجنرال في عمشيت يروي عن جاره الذي سيصبح رئيساً للجمهورية: «إنه صاحب أخلاق عالية، مهذّب، يقوم بواجباته على أكمل وجه، لا يسمع صوته ولا يمكن الاختلاف معه. متواضع الى أقصى حدّ لم يبدّل المركز في قيادة الجيش من سلوكه. يحبّ جيرانه ويتصل بهم دائماً».
أستاذ الجنرال سليمان في الصف التاسع في مدرسة الإخوة المريميين أنطوان ضاهر يقول عن تلميذه: «كان مجتهداً في العربي والفرنسي وفي الحساب، يتميز بانضباطيته في الصف وكل رفاقه يحبونه». يضيف: «بقي التواصل معه عادياً بعد استلامه قيادة الجيش وأنا كأستاذ أفخر بتلميذي وهذا شرف لي ولعمشيت وللبنان أن يصل إبن بلدتي إلى سدّة الرئاسة».
الفيزيائي جوزف ضاهر، قال: «العماد شجرة من بستان مثمر هو عمشيت، وقد وصلت هذه الشجرة الى أقصى عطاءاتها بتبؤ رئاسة الجمهورية».
من جهته، يعبّر صديق عمشيت العميد القيّم محمد ياسر الأيوبي عن سعادته بانتخاب «صديقه الحميم والعزيز والغالي ميشال سليمان الذي أثق به ثقة عمياء، لأنه قام بمهمات صعبة كان فيها على مسافة واحدة من الجميع، وقاد الجيش اللبناني بأشرس معركة في نهر البارد وبلا سلاح»، ويصفه الأيوبي بـ«سليمان الحكيم»، لأنه رجل حيادي ورجل وفاق ويتمتع بإيجابية وبحكمة ويحظى أيضاً بمحبة عسكره وضباطه وبمحبة العالم».
«بلدة الكبار»
وصفت عمشيت تاريخياً بـ«بصرة لبنان» لكثرة أشجار النخيل فيها و«بلدة الكبار» لما أعطته من أعلام، وهي قلب بلاد جبيل النابض، تمتدّ مساحتها على خمسة كيلومترات ويعني اسمها المركّب «قبيلة شيت» أو «قوم شيت» وهو اسم عبري. زارها علماء ومستشرقون كثر وأحبوها، ومنهم العالم الأثري إرنست رينان الذي كتب في إحدى رسائله: «إنني أصرّح مع امرأتي وشقيقتي بأنّ عمشيت كانت لنا فردوساً». أما الأخ فرنان مهندس دير الإخوة المريميين في البلدة، فقال:«لقد زرت بلدات العالم فلم أر بلدة هواؤها ثابت لا يتغير سوى بلدة عمشيت». كثر أيضاً كتبوا عن عمشيت بلدة الكرم والضيافة، منهم على سبيل المثال العلامة الشيخ رشيد الشرتوني، الشيخ إبراهيم اليازجي وأمين الريحاني في كتابه «قلب لبنان» ونعوم مكرزل في جريدة «الهدى وسواهم.
لعبت عمشيت دوراً بارزاً على صعيد لبنان عامة، وجبيل خاصة في الحقل السياسي ومن أبنائها نذكر: فارس أفندي كرم، عضو مجلس الإدارة لمرات عدة، أسعد بك لحود، عضو مجلس الإدارة، ميشال يوسف لحود وهو ضابط في الجيش الفرنسي. في النيابة: أنيس الخوري (مؤلف قانون الواجبات والعقود)، زخيا طوبيا، شهيد الخوري، روفايل لحود، نجيب الخوري، وميشال الخوري وناظم الخوري والنائب حالياً الدكتور وليد الخوري. في الوزارة: يوسف الحكيم كرم وزير عدلية في الحكومة السورية، العماد فيكتور خوري وزير الدفاع وقائد الجيش في عهد الرئيس الياس سركيس. في السلك الخارجي: السفير المتقاعد نزيه لحود القنصل جوزف يزبك والسفير المتقاعد بهجت لحود. في السلك الكهنوتي: البطريرك إرميا العمشيتي كان أبرز الشخصيات الكهنوتية من البلدة. أدبياً الكاتبة المهاجرة عفيفة كرم وهي من كتبت أول رواية نسائية في العالم العربي، أديب لحود شاعر ومسرحي ومؤسس المدرسة الوطنية التي خرّجت أجيالاً إلى شخصيات كثيرة لا مجال لذكرها وقد وردت بالتفصيل في الموسوعة التي أعدّها الصحافي نخلة مرعب بعنوان «بلاد جبيل في القرن العشرين».
أما في سلك الأدب والمحاماة فيبرز اسم المحامي عبد الله لحّود الذي يصفه المفكّر منح الصلح بقوله: «إنه قيمة لبنانية من نوع خاص وهو ذلك النوع المبدئي المتعمق الباحث الخالي من الغرائز والنعرات. أقول ذلك على الرغم من أنّ أكبر المستفيدين من هذا الكلام هو رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي تدرّج محامياً في مكتبه ويذكره دائماً بالخير».
لعائلة سليمان أيضاً رجال برزوا عبر التاريخ: جدّ الجنرال سليمان غطاس سليمان كان رئيساً لديوان المحكمة القضائية في جبل لبنان زمن الانتداب الفرنسي. خال جدّه فارس أفندي كرم كان عضو مجلس المبعوثين أيام المتصرفية. وخال والده أديب لحود مؤرخ وكاتب ومؤسس المدرسة الوطنية عام 1908 التي خرّجت أجيالاً، وعمّه فارس غطاس سليمان كان شاعراً ولغوياً ومدرّس اللغة العربية في الشام.
يصف العميد القيّم محمد ياسر الأيوبي عمشيت بأنها: «حلوة بطبيعتها، جامعة بين الأصالة والحداثة، تغسل رجليها بالبحر وترفع برأسها فيصل نحو الجبل، مجلببة بالنخيل بشكل دائم، أهلها يتمتعون بعقلية عربية، لا تقوقع فيها ولا انعزالية بل انفتاح على العروبة وعلى لبنان ككل، فينسجمون مع العالم كله، لأنهم شعب مسالم».
ربّما بسبب هذه المواصفات باتت عمشيت مرغوبة من سكان مدن وبلدات وقرى أخرى وإذا كان عدد سكانها يبلغ 20 الف نسمة إلا أنّ بينهم 6 آلاف فحسب من البلدة نفسها فيما يبلغ عدد الناخبين فيها 3300 ناخب.
عدل سابقا من قبل في الجمعة 08 فبراير 2008, 3:57 pm عدل 1 مرات