ضباب بينه وبين «الخبّاز الأكبر»... روتانا ... مروان خوري ونظرية «في كل ملحن مغنّ نائم»...
ليس الخلاف بين الفنان مروان خوري وشركة الانتاج «روتانا» إلا دليلاً إضافياً على الضبابية أو اللياقات الزائدة أو غير ذلك مما يقوم عادة بين المنتج الفني والمنتَج له، فضلاً عن شعور كل طرف بأن الآخر لا يقّدر «تقديماته» كما ينبغي. وعند لحظة الامتحان الجدي تقع الواقعة ويخرج كل ما كان في الكواليس ليملأ الصفحات بدءاً بالعتب مروراً بالانتقاد وصولاً الى «تربيح الجميل»!
مروان خوري أساساً ليس مغنياً. إنه شاعر وملحن. محاولاته في التحلين، بداية، صَنَعت له مكاناً جيداً بل متميزاً لدى أهل الغناء ثم لدى الجمهور. ولأن في كل ملحن مغنياً «نائماً» يحتاج لحظة مناسبة ليعلن «صوته»، فقد اختار مروان مناسبة تلحينه أغاني للمغنية باسمة قبل سبع سنوات تقريباً، ليسجل بصوتها وصوته أغنية مشتركة، بدا فيها هذا الفنان كمن يريد دخول باب فني يحبه هو الغناء، من دون أن يحاسبه أحد... كمغن! شيء من الخجل على شيء من التجريب أي جسّ النبض كانت تلك المحاولة الغنائية التي اعتبرها مروان بعد ذلك معبراً «رسمياً» لانطلاق صوته في عالم الغناء اللبناني. فكان احترافه الغناء بإصدار ألبوم من شركة «روتانا» التي تبنّته كملحن ومغنٍّ، وبدأ مسيرة جديدة تماماً اختلط فيها مروان الملحن المحترف بمروان هاوي الغناء الى حد أن مروان الملحن كاد يصبح ثانوياً في ذات مروان المغني الذاهب خلف نجومية قررت شركة «روتانا» أنه يستحقها. وخلال سنوات من الاجتهاد الحقيقي تمكن مروان من أن يضع نفسه في قائمة نجوم الغناء (من الصف الثاني) الذين يقدمون لجمهورهم إصدارات غنائية سنوية، ويحيون في عدد من البلاد العربية حفلات... وكل ذلك برعاية «روتانا» التي تُنتج وتسجّل وتوزّع، والتي أيضاً ترتّب الحفلات والمهرجانات الغنائية العربية وتقرّر بنفسها من يشارك هنا ومن لا يشارك، ومن يحضر هناك ومن يغيب.
خلال ذلك كان مروان خوري من حيث لا يدري ربما يدخل حالة من الروتين في طبيعة ألحانه وطبيعة أغانيه الخاصة معاً مستنداً الى أن الجمهور استساغه بتلك «الطبيعة»، ومعروف أن الفنان في هذا الزمن إذا نجح في لون معيّن أو في نمط غنائي أو تلحيني محدد يصبح أسيراً له ويبذل نفسه الفنية كلها في هذا الاتجاه... متجاهلاً ضرورات التنويع والتطوير والتجديد التي، هي وحدها، يمكن أن تكتب له استمرارية جدية، خصوصاً أن مروان خوري الملحن، لو ركّز أكثر فأكثر على موهبته كملحن، لاستطاع عبور مراحل عدة من الزمن الفني المعاصر باقتدار وجدارة، لكن «صوته» أخذه وأكاد أقول دفعه الى التهور على خلفية نجاح بعض الأغاني والكليبات والحفلات والمقابلات التلفزيونية...
فجأة، مروان عاتب على «روتانا» لأن موازنات كليباته قليلة قياساً بموازنات الآخرين، و»روتانا» عاتبة عليه، لأن ألبوماته «لا تبيع».
والعتب يتطور فوراً عبر رسائل تروح وتجيء مخلِّفة وراءها نفوراً. وفجأة مروان خوري يبحث عن شركة انتاج أخرى تحقق طموحاته، بل فجأة يصبح الصُّلح بعيداً، على رغم كلام آخر يقول إن التعاون مستمر، وأن لا شيء تغيّر، والقضية عبارة عن سحابة صيف! وفي «التقليد» أن الخلافات بين «روتانا» وأي نجم غنائي لا تخرج الى العلن إلا عندما يكون اتخذ القرار بالاستغناء عنه (سبب الخلاف المعلن إصرار خوري على شقيقه كلود مخرجاً لكليباته، وهذا ليس كل الحقيقة).
لن يقعد مروان خوري، الملحن البارع والمغني ذو الأغاني اللطيفة عاطلاً عن العمل كنتيجة لخلافه مع «روتانا» إذا خرج منها، إلا أن ظروف تقديم أعماله الغنائية على الأقل ستغدو أصعب، وحضوره في «روتانا» - الفضائية لن يعوّضه حضور في أي فضائية أخرى حتى الآن. إنها مرحلة يصبح فيها مروان خوري معرّضاً لصدمات شتى، ذلك أن الاعتماد على شركة بحجم «روتانا» يجعل الفنان أكثر أماناً وحماية بناء على المثل العربي المعروف «اعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصفه»... فكيف إذا كان الخبّازون الآخرون ضائعين في حضرة الخبّاز الأكبر؟
للكاتب والصحفي والشاعر والملحن عبد الغني طليس
تحياتي
العازف
ليس الخلاف بين الفنان مروان خوري وشركة الانتاج «روتانا» إلا دليلاً إضافياً على الضبابية أو اللياقات الزائدة أو غير ذلك مما يقوم عادة بين المنتج الفني والمنتَج له، فضلاً عن شعور كل طرف بأن الآخر لا يقّدر «تقديماته» كما ينبغي. وعند لحظة الامتحان الجدي تقع الواقعة ويخرج كل ما كان في الكواليس ليملأ الصفحات بدءاً بالعتب مروراً بالانتقاد وصولاً الى «تربيح الجميل»!
مروان خوري أساساً ليس مغنياً. إنه شاعر وملحن. محاولاته في التحلين، بداية، صَنَعت له مكاناً جيداً بل متميزاً لدى أهل الغناء ثم لدى الجمهور. ولأن في كل ملحن مغنياً «نائماً» يحتاج لحظة مناسبة ليعلن «صوته»، فقد اختار مروان مناسبة تلحينه أغاني للمغنية باسمة قبل سبع سنوات تقريباً، ليسجل بصوتها وصوته أغنية مشتركة، بدا فيها هذا الفنان كمن يريد دخول باب فني يحبه هو الغناء، من دون أن يحاسبه أحد... كمغن! شيء من الخجل على شيء من التجريب أي جسّ النبض كانت تلك المحاولة الغنائية التي اعتبرها مروان بعد ذلك معبراً «رسمياً» لانطلاق صوته في عالم الغناء اللبناني. فكان احترافه الغناء بإصدار ألبوم من شركة «روتانا» التي تبنّته كملحن ومغنٍّ، وبدأ مسيرة جديدة تماماً اختلط فيها مروان الملحن المحترف بمروان هاوي الغناء الى حد أن مروان الملحن كاد يصبح ثانوياً في ذات مروان المغني الذاهب خلف نجومية قررت شركة «روتانا» أنه يستحقها. وخلال سنوات من الاجتهاد الحقيقي تمكن مروان من أن يضع نفسه في قائمة نجوم الغناء (من الصف الثاني) الذين يقدمون لجمهورهم إصدارات غنائية سنوية، ويحيون في عدد من البلاد العربية حفلات... وكل ذلك برعاية «روتانا» التي تُنتج وتسجّل وتوزّع، والتي أيضاً ترتّب الحفلات والمهرجانات الغنائية العربية وتقرّر بنفسها من يشارك هنا ومن لا يشارك، ومن يحضر هناك ومن يغيب.
خلال ذلك كان مروان خوري من حيث لا يدري ربما يدخل حالة من الروتين في طبيعة ألحانه وطبيعة أغانيه الخاصة معاً مستنداً الى أن الجمهور استساغه بتلك «الطبيعة»، ومعروف أن الفنان في هذا الزمن إذا نجح في لون معيّن أو في نمط غنائي أو تلحيني محدد يصبح أسيراً له ويبذل نفسه الفنية كلها في هذا الاتجاه... متجاهلاً ضرورات التنويع والتطوير والتجديد التي، هي وحدها، يمكن أن تكتب له استمرارية جدية، خصوصاً أن مروان خوري الملحن، لو ركّز أكثر فأكثر على موهبته كملحن، لاستطاع عبور مراحل عدة من الزمن الفني المعاصر باقتدار وجدارة، لكن «صوته» أخذه وأكاد أقول دفعه الى التهور على خلفية نجاح بعض الأغاني والكليبات والحفلات والمقابلات التلفزيونية...
فجأة، مروان عاتب على «روتانا» لأن موازنات كليباته قليلة قياساً بموازنات الآخرين، و»روتانا» عاتبة عليه، لأن ألبوماته «لا تبيع».
والعتب يتطور فوراً عبر رسائل تروح وتجيء مخلِّفة وراءها نفوراً. وفجأة مروان خوري يبحث عن شركة انتاج أخرى تحقق طموحاته، بل فجأة يصبح الصُّلح بعيداً، على رغم كلام آخر يقول إن التعاون مستمر، وأن لا شيء تغيّر، والقضية عبارة عن سحابة صيف! وفي «التقليد» أن الخلافات بين «روتانا» وأي نجم غنائي لا تخرج الى العلن إلا عندما يكون اتخذ القرار بالاستغناء عنه (سبب الخلاف المعلن إصرار خوري على شقيقه كلود مخرجاً لكليباته، وهذا ليس كل الحقيقة).
لن يقعد مروان خوري، الملحن البارع والمغني ذو الأغاني اللطيفة عاطلاً عن العمل كنتيجة لخلافه مع «روتانا» إذا خرج منها، إلا أن ظروف تقديم أعماله الغنائية على الأقل ستغدو أصعب، وحضوره في «روتانا» - الفضائية لن يعوّضه حضور في أي فضائية أخرى حتى الآن. إنها مرحلة يصبح فيها مروان خوري معرّضاً لصدمات شتى، ذلك أن الاعتماد على شركة بحجم «روتانا» يجعل الفنان أكثر أماناً وحماية بناء على المثل العربي المعروف «اعطِ خبزك للخباز ولو أكل نصفه»... فكيف إذا كان الخبّازون الآخرون ضائعين في حضرة الخبّاز الأكبر؟
للكاتب والصحفي والشاعر والملحن عبد الغني طليس
تحياتي
العازف