مروان خوري والأمل الموسيقي 3 - 3
ا
هاي انا لقيت هاي المقاله بالصدفه و بصراحه اول ماقريتها مافهمت شي و بعدين بابا شرحلي ياها شوي بتمني ماتدخو متلي وبتفهمو المقاله باخطصار تحلل كلمات و الحان مروان خوري بالتفصيل
المغني الطارئ واستحقاق الملحن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مروان خوري
أحمد الواصل
.. إن نص الموال الذي، وضعه أو أخذه، مروان خوري أحدث صدمة ثقافية بين معطيات الذاكرة الشعرية العربية التي لم تخرج في كثير منها بعد من ملامح أساليب أدب العصر المملوكي والعثماني (عصر الانحطاط العربي السياسي!)، على رغم حركات الإبداع المختلفة التي أعادت تركيب أو اخترقت التقليد الشعري العربي، حركة شعراء المهجر (شمال أمريكا)، جماعة الديوان وأبولو (في مصر)، وحركة شعر (في لبنان)، وحركة مواقف (في باريس)، إلا أنها بقيت في الأطر النخبوية.. أقول: أحدث صدمة ثقافية لكونه يقترح نصاً متصلاً ومنقطعاً، من اللهجة الأم والأساس بشعرية عصرية..
.. إذاً كانت نصوص شعر نزار قباني ومحمود درويش كانت الأقرب إلى التلحين، فإن التقارب والتباعد في التابوهات الاجتماعية (عند قباني) أو الحساسيات الإيديولوجية (عند درويش) وضعها في خطورة حالات التلحين، حين تعلو أهمية شعر درويش على ألحان مرسيل خليفة وخالد الهبر، فشعر نزار قباني كان التحدي فيه يتوازى مع محمد عبدالوهاب أو محمد الموجي أو خالد الشيخ أو جمال سلامة..
.. تتجاوز تجربة مروان خوري في كتابة الفصحى لخطورة التعامل مع شعراء مكرسين من خارج الإطار الغنائي إلا استضافة، حين وضع لحن لشعر نزار قباني غنته ماجدة الرومي، وتخطيا لحالة هلهلة الصياغة التي أقدم عليها، مرقدي، وأقلع قليلاً أو راحت صوب تصفية أخرى..
.. في شريطه الثالث: «قصر الشوق - 2005»، يقدم أغنية: «يا من بدمعي» المقترحة لتتذرع بسياق الشعر الفصيح الذي يضعه الملحن نفسه، وهو ما يفتح صلة قربى وانقطاع نسب مباشر، مع الأعمال التي وضعها زكي ناصيف شعراً ولحناً سواء وما اشتهر له: «يا عاشقة الورد» (شعر: مصطفى محمود) أو ما كتبه لحنه خصيصاً لفيروز، مثل: «أهواك»، التي جاءت متأخرة جداً مطلع التسعينات..
.. إذا كانت متطلبات الأغنية الرومانسية الوجدان العربي في الخمسينات والستينات، تحققت عبر إطار من النخبوية والمفارقة الجمالية، فيما احتفظت الذاكرة الغنائية العربية، في صيغها التقليدية نماذج النصوص الشعرية من عصور سابقة أخذت طريقها في نصوص «فن الصوت» بالخليج العربي أو «فن المقام» بالعراق أو «الإنشاد الصوفي» بمصر في نصوص شهيرة، مثل: «يا حادي العيس» أو «جاءت مبرقعتي» التي أمدت نماذج الغناء الأندلسي المقترح من الأخوين رحباني واستخدما فيه نصوصاً شعرية متنوعة الأساليب، للموشح وللمواويل، منها الأخير الذي ذكرناه حيث تحول أو هو في صيغة أخرى: «جاءت معذبتي» حين سجل بصوت فيروز مع نصوص شعرية لقالب الموال أخرى أشهرها من عصور سابقة وبعيدة، مثل: «لو كان قلبي معي» لعنترة بن شداد أو «يا خليلي» لأبي نواس..
.. يعطي، مروان خوري صيغة لوضع أغنية فصحى متجاوزة الملامح الكلاسيكية والرومانسية الأولى عند رياض السنباطي أو زكي ناصيف كذلك الدرامية مثلما قدمت ماجدة الرومي (ألحان المنذر وسلامة) أو هدى عبدالله (ألحان خالد الشيخ وخليفة زيمان) أو التبسيط والتكرار الغنائي عند كاظم الساهر، فهو كتب نصاً شعرياً يلاعب فيه هندسة التناظر والتفعيلة عروضياً، التشطير والتجزئة غنائياً، ويقارب صيغة أغنية اللازمة Sample song، في ما يسمى بأغنية التقنية، وهي التي تعتمد على خط لحني ينبني في أصله على جملة موسيقية/لازمة موسيقية تربط مقاطع الغناء في حال دائري يعتمد أداءه على درجات العلو والانخفاض بإيقاع واحد..
«آه على الأيام لم تبق إلا كلام»
ماضي هوى وتأوها وتحسرا..
أنا لن أحب سواها لم يبق مني هواها
شجراً، بدا، في القلب منها تصحراً..
.. يا من بدمعي تعطرت
وبعتم ليلي تكحلت..
وبفيض شوقي تجملت وتدللت
يا سبحان من خلى الهوى
حكراً عليها فانطوى
عمري بها وتجبرت وتكبرت..»
.. كانت الصيغة النغمية للنص الشعري (6) تعتمد حالتي المد (حروف العلة) والضغط (حروف التشديد)، وهي تتبع صيغ التعبير العاطفي في اللحن الذي يعبر عن المفقود وذكراه، سواء ما يعبر عن استبقاء الممكن والاعتراف بمحال الاستعادة..
.. نرى معطيات العناصر الفنية في شخصية النص الشعري تخترق أشكال التقليد الشعري نحو التناظر والتفعيلة، فإن أسلوبها يمزج شعريات الغناء من عدة شخصيات كالأخطل الصغير، وإميل رفول، فما هو متجاوز شعرياً، حين ينكشف حال فصحنة المحكي، أو علمنة النحو (7)، لخلق حال تناغم في تركيبة غنائية على شكل لحني مستحدث لا تغيب خلاياه من تجارب سابقين، مثل زياد رحباني خاصة أجواء أسطوانة: «هدوء نسبي»..
.. ربما استطاع الموزع الموسيقي بلال الزين، الاضطلاع بمسؤولية العمل الثاني كله: «كل القصايد»، لكن جنوح مروان خوري نفسه إلى التنويع كان مدعاة لاكتشاف الألوان والمذاقات الفنية التي من الممكن أن تمنح أعماله بعدة موزعين، لكن إذا تباينت نكهات التوزيع بين موزع وآخر في شريطه الثالث: «قصر الشوق - 2005»، فإن اسم كلود شلهوب، الذي وزع له سابقاً «حبيب قلبي» لكارول سماحة، يحتل الصدارة والتميز لحال انسجام بقي في حدود عملين (واحد أعيد توزيعه بعزف كمان منفرد)، لكنه يشي بحال اندماج واستيعاب دون خسران أحدهما مقومات الأساسية سواء في اللحن لخوري أو العزف لشلهوب، وهذا ما يذكرنا بألحان عاصي الرحباني وتوزيع بوغوص جلاليان.
.. تكثف في أغنية: «حلوة الحياة» صوت مروان خوري يرافقه عزفه للبيانو وفريق عائلة الكمانات بمعالجة توافق مبسطة لكلود شلهوب، في كلامها ولحنها ما يؤكد تلك الصلات غير المباشرة إلى أغنيات فارقة قدمها لأخوان رحباني من شعر سعيد عقل، مثل: «يارا، مشوار»، أو تلك الأغنيات التي وضعت خصيصاً لماجدة الرومي منتصف وأواخر الثمانينات، مثل «لا ما في» من زكي ناصيف أو «الأيام» من عبده منذر أو لجوليا بطرس منتصف التسعينات وما بعد الألف الثالثة، مثل: «وين مسافر؟» أو «أنا مش إلك» أو «بحاكيك» لزياد بطرس..
.. «حلوة الحياة..
من يوم اللي سكنت أيامي..
حلوة الساعات..
من ساعة ما شفتك قدامي..»
.. يتجه العمل ما بين، خوري وشلهوب، للتعبير عن تلك الحالة الإنسانية والفنية أقصاها، وإن كانت لا تعتمد طغيان شخصية على أخرى، فحدود الأدوار مكشوفة ومحترمة، لكن أقاصي النتائج تعطينا الكثير من المكاسب الفنية لمروان خوري وكلود شلهوب نفسيهما..
.. استطاعت النسختان اللتان سجلتا لأغنية: «قصر الشوق» واحدة بصوت مروان خوري وأخرى بعزف منفرد لكمان كلود شلهوب، إعطاء اللحن مكاسب ثقافية في التحقق الفني.
.. فإذا كان الكلام الشعري يراعي حالة الزوجة - الحبيبة على «جيونصية» (تراكمية نصية) تحيل إلى الأم - الوطن، الطفولة - البداية والبعث - الرجعة..
«صوتك.. وجك.. عطرك.. شعرك
لمسة إيدك عم تنده لي..
شايف فيك أم ولادي
شامم ريحة أرشي وأهلي..»
.. وهذا لا يمكن بدون عناصر الوفرة العاطفية، كالحب - الاتحاد، الشغف - البيت، العمر - الشراكة، وهو ما تعبر عنه الأغنية بالإيحاء المتكامل والمباشر المحترزة..
«دقة قلبك ترسم قلبي
عمرك عمري ودربك دربي..
مشتاق لوجك يحميني
يحميني من وجوه الكذبة..»
.. استطاعت ضربات البيانو التعبير عن القلق، وعزف الكمانات عن المتخيل، ومحاولة جعل الحلم واقعاً شكلته صيغة الإيقاع الرباعي المبطئة الذي يقترب من العثرة بعد حال التوقع لا الواقع، لكن بقاء ضربات البيانو حدود القلق وعزف الكمانات الخوف من المستقبل أو انهيار الخيال الذي يداور عند «التفكير الرغبوي/Wishrul thinking»..
.. ماذا فعل كلود شلهوب في النسخة الثانية من «قصر الشوق»؟.
.. وضعت النسخة الأولى مفتتحاً للأغنيات كلها، والنسخة الثانية خاتمة لها. لم يغب إلا الكلام عن النسخة الثانية، بينما أبدل صوت مروان خوري بصوت الكمان في عزف كلود شلهوب.
.. إن حساسية العزف بالآلة والاعتماد على الإحساس الإنساني بشكل غير مباشر تخالف ظاهرياً الاعتماد على آلة الحنجرة وافتراض الحس المباشر، عندما بدا صوت مروان قلقاً عاطفياً، وباقياً في حدود حالة التخييل الحالم الذي يشعر بخوف من التوقع مصطدماً بواقع يخيب الأحلام فيلجأ إلى الصمت أو الكف تعبيراً عن الحلم المستحيل، وهذا ما استبقته «الحالة المقامية» حيث اعتمد على مقام موسيقي واحد، هو النهوند/Minor، مكنه التحرك في حدود درجاته النغمية، لكن ما تجاوزه كلود شلهوب حين خالف حالة الصمت عند المقطع الأخير لبقاء الحلم في خانة المستحيل كما سجل ذلك صوت مروان خوري نحو حالة استبقاء الجراء، بدفع «الحالة المقامية» لاستجلاب خلايا مقام آخر «الحجاز»، إتماماً لهذا الحلم ودفعه إلى الأقصى من حيز التوقع إلى عالم الواقع، لكن سيناريو اللحن ينتهي.
.. إذن، يبقى ما نسجله لمروان خوري هو ظهور شخصية غنائية، لحنية بالدرجة الأولى، تعيد صلات قربي بمن سبق وتشكل حالات تجاوز في لحظة تكوين نحو تكريس، وإذا ما كان التعبير عن هذه الشخصية لحناً عبر أصوات آخرين حقق بعض مأمولها، فهي تتجه نحو وضع ركائز بحسب تقنيات الوجود الفني، وهذا ما سيضع تجربتها على المحك الثقافي بين أن تداور في أمل ممكن وآخر ناجز عبر سنين..
6- ما بين عام 2004 و2006، كانت تحضر السيدة ماجد الرومي، شريطها: اعتزلت الغرام، حيث قدم مروان خوري لحنين، واحد من شعر نزار قباني، والآخر من كلماته، وتلحين قصيدة: «أحبك جدا» لقباني، ربما كانت التجربة الغنائية التي قادته إلى وضع كلمات شعرية يحقق فيها بعض المقاربات اللفظية والكلامية نحو أغنية مفارقة، على أن نص، قباني، يحمل معجماً حيوياً، بمثل ألفاظ شعرنت من المحكي اليومي: تورط، أشيل، لكنها تحمل سمات مشتركة بين زمني كلام ماجدة الرومي ونزار قباني، ربما جعلت من خوري نفسه يعطي، بحسب مقدرته واختياره: «يا من بدمعي».
7- فصحنة المحكي وعلمنة النحو، بينهما تناسب طردي، أي بتغذية لغة الكتابة بما جد من ألفاظ مستعملة في الخطاب اليومي في جهة وفي أخرى تفكيك قداسة اللفظ ضمن تأطير نصي ديني، إلا أن بقاء بعض ألفاظ وتراكيب النص الشعري، عند خوري، ما بين ملفوظات المعجم المحكي إلا أنها تستلهم الكثير من شعر ال «منمنمات عثمانية»، وهو أدب يبقى أثره جراء إمكانية الاستخدام في تراكيب الكتابة لا الحكي، وهو منسحب حتى على تقاليد أخرى، لا أدبية فقط، بل سياسة عربية إنما عثمانية العرف لا زالت ترشح في الخطاب السياسي المعاصر!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ا
هاي انا لقيت هاي المقاله بالصدفه و بصراحه اول ماقريتها مافهمت شي و بعدين بابا شرحلي ياها شوي بتمني ماتدخو متلي وبتفهمو المقاله باخطصار تحلل كلمات و الحان مروان خوري بالتفصيل
المغني الطارئ واستحقاق الملحن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مروان خوري
أحمد الواصل
.. إن نص الموال الذي، وضعه أو أخذه، مروان خوري أحدث صدمة ثقافية بين معطيات الذاكرة الشعرية العربية التي لم تخرج في كثير منها بعد من ملامح أساليب أدب العصر المملوكي والعثماني (عصر الانحطاط العربي السياسي!)، على رغم حركات الإبداع المختلفة التي أعادت تركيب أو اخترقت التقليد الشعري العربي، حركة شعراء المهجر (شمال أمريكا)، جماعة الديوان وأبولو (في مصر)، وحركة شعر (في لبنان)، وحركة مواقف (في باريس)، إلا أنها بقيت في الأطر النخبوية.. أقول: أحدث صدمة ثقافية لكونه يقترح نصاً متصلاً ومنقطعاً، من اللهجة الأم والأساس بشعرية عصرية..
.. إذاً كانت نصوص شعر نزار قباني ومحمود درويش كانت الأقرب إلى التلحين، فإن التقارب والتباعد في التابوهات الاجتماعية (عند قباني) أو الحساسيات الإيديولوجية (عند درويش) وضعها في خطورة حالات التلحين، حين تعلو أهمية شعر درويش على ألحان مرسيل خليفة وخالد الهبر، فشعر نزار قباني كان التحدي فيه يتوازى مع محمد عبدالوهاب أو محمد الموجي أو خالد الشيخ أو جمال سلامة..
.. تتجاوز تجربة مروان خوري في كتابة الفصحى لخطورة التعامل مع شعراء مكرسين من خارج الإطار الغنائي إلا استضافة، حين وضع لحن لشعر نزار قباني غنته ماجدة الرومي، وتخطيا لحالة هلهلة الصياغة التي أقدم عليها، مرقدي، وأقلع قليلاً أو راحت صوب تصفية أخرى..
.. في شريطه الثالث: «قصر الشوق - 2005»، يقدم أغنية: «يا من بدمعي» المقترحة لتتذرع بسياق الشعر الفصيح الذي يضعه الملحن نفسه، وهو ما يفتح صلة قربى وانقطاع نسب مباشر، مع الأعمال التي وضعها زكي ناصيف شعراً ولحناً سواء وما اشتهر له: «يا عاشقة الورد» (شعر: مصطفى محمود) أو ما كتبه لحنه خصيصاً لفيروز، مثل: «أهواك»، التي جاءت متأخرة جداً مطلع التسعينات..
.. إذا كانت متطلبات الأغنية الرومانسية الوجدان العربي في الخمسينات والستينات، تحققت عبر إطار من النخبوية والمفارقة الجمالية، فيما احتفظت الذاكرة الغنائية العربية، في صيغها التقليدية نماذج النصوص الشعرية من عصور سابقة أخذت طريقها في نصوص «فن الصوت» بالخليج العربي أو «فن المقام» بالعراق أو «الإنشاد الصوفي» بمصر في نصوص شهيرة، مثل: «يا حادي العيس» أو «جاءت مبرقعتي» التي أمدت نماذج الغناء الأندلسي المقترح من الأخوين رحباني واستخدما فيه نصوصاً شعرية متنوعة الأساليب، للموشح وللمواويل، منها الأخير الذي ذكرناه حيث تحول أو هو في صيغة أخرى: «جاءت معذبتي» حين سجل بصوت فيروز مع نصوص شعرية لقالب الموال أخرى أشهرها من عصور سابقة وبعيدة، مثل: «لو كان قلبي معي» لعنترة بن شداد أو «يا خليلي» لأبي نواس..
.. يعطي، مروان خوري صيغة لوضع أغنية فصحى متجاوزة الملامح الكلاسيكية والرومانسية الأولى عند رياض السنباطي أو زكي ناصيف كذلك الدرامية مثلما قدمت ماجدة الرومي (ألحان المنذر وسلامة) أو هدى عبدالله (ألحان خالد الشيخ وخليفة زيمان) أو التبسيط والتكرار الغنائي عند كاظم الساهر، فهو كتب نصاً شعرياً يلاعب فيه هندسة التناظر والتفعيلة عروضياً، التشطير والتجزئة غنائياً، ويقارب صيغة أغنية اللازمة Sample song، في ما يسمى بأغنية التقنية، وهي التي تعتمد على خط لحني ينبني في أصله على جملة موسيقية/لازمة موسيقية تربط مقاطع الغناء في حال دائري يعتمد أداءه على درجات العلو والانخفاض بإيقاع واحد..
«آه على الأيام لم تبق إلا كلام»
ماضي هوى وتأوها وتحسرا..
أنا لن أحب سواها لم يبق مني هواها
شجراً، بدا، في القلب منها تصحراً..
.. يا من بدمعي تعطرت
وبعتم ليلي تكحلت..
وبفيض شوقي تجملت وتدللت
يا سبحان من خلى الهوى
حكراً عليها فانطوى
عمري بها وتجبرت وتكبرت..»
.. كانت الصيغة النغمية للنص الشعري (6) تعتمد حالتي المد (حروف العلة) والضغط (حروف التشديد)، وهي تتبع صيغ التعبير العاطفي في اللحن الذي يعبر عن المفقود وذكراه، سواء ما يعبر عن استبقاء الممكن والاعتراف بمحال الاستعادة..
.. نرى معطيات العناصر الفنية في شخصية النص الشعري تخترق أشكال التقليد الشعري نحو التناظر والتفعيلة، فإن أسلوبها يمزج شعريات الغناء من عدة شخصيات كالأخطل الصغير، وإميل رفول، فما هو متجاوز شعرياً، حين ينكشف حال فصحنة المحكي، أو علمنة النحو (7)، لخلق حال تناغم في تركيبة غنائية على شكل لحني مستحدث لا تغيب خلاياه من تجارب سابقين، مثل زياد رحباني خاصة أجواء أسطوانة: «هدوء نسبي»..
.. ربما استطاع الموزع الموسيقي بلال الزين، الاضطلاع بمسؤولية العمل الثاني كله: «كل القصايد»، لكن جنوح مروان خوري نفسه إلى التنويع كان مدعاة لاكتشاف الألوان والمذاقات الفنية التي من الممكن أن تمنح أعماله بعدة موزعين، لكن إذا تباينت نكهات التوزيع بين موزع وآخر في شريطه الثالث: «قصر الشوق - 2005»، فإن اسم كلود شلهوب، الذي وزع له سابقاً «حبيب قلبي» لكارول سماحة، يحتل الصدارة والتميز لحال انسجام بقي في حدود عملين (واحد أعيد توزيعه بعزف كمان منفرد)، لكنه يشي بحال اندماج واستيعاب دون خسران أحدهما مقومات الأساسية سواء في اللحن لخوري أو العزف لشلهوب، وهذا ما يذكرنا بألحان عاصي الرحباني وتوزيع بوغوص جلاليان.
.. تكثف في أغنية: «حلوة الحياة» صوت مروان خوري يرافقه عزفه للبيانو وفريق عائلة الكمانات بمعالجة توافق مبسطة لكلود شلهوب، في كلامها ولحنها ما يؤكد تلك الصلات غير المباشرة إلى أغنيات فارقة قدمها لأخوان رحباني من شعر سعيد عقل، مثل: «يارا، مشوار»، أو تلك الأغنيات التي وضعت خصيصاً لماجدة الرومي منتصف وأواخر الثمانينات، مثل «لا ما في» من زكي ناصيف أو «الأيام» من عبده منذر أو لجوليا بطرس منتصف التسعينات وما بعد الألف الثالثة، مثل: «وين مسافر؟» أو «أنا مش إلك» أو «بحاكيك» لزياد بطرس..
.. «حلوة الحياة..
من يوم اللي سكنت أيامي..
حلوة الساعات..
من ساعة ما شفتك قدامي..»
.. يتجه العمل ما بين، خوري وشلهوب، للتعبير عن تلك الحالة الإنسانية والفنية أقصاها، وإن كانت لا تعتمد طغيان شخصية على أخرى، فحدود الأدوار مكشوفة ومحترمة، لكن أقاصي النتائج تعطينا الكثير من المكاسب الفنية لمروان خوري وكلود شلهوب نفسيهما..
.. استطاعت النسختان اللتان سجلتا لأغنية: «قصر الشوق» واحدة بصوت مروان خوري وأخرى بعزف منفرد لكمان كلود شلهوب، إعطاء اللحن مكاسب ثقافية في التحقق الفني.
.. فإذا كان الكلام الشعري يراعي حالة الزوجة - الحبيبة على «جيونصية» (تراكمية نصية) تحيل إلى الأم - الوطن، الطفولة - البداية والبعث - الرجعة..
«صوتك.. وجك.. عطرك.. شعرك
لمسة إيدك عم تنده لي..
شايف فيك أم ولادي
شامم ريحة أرشي وأهلي..»
.. وهذا لا يمكن بدون عناصر الوفرة العاطفية، كالحب - الاتحاد، الشغف - البيت، العمر - الشراكة، وهو ما تعبر عنه الأغنية بالإيحاء المتكامل والمباشر المحترزة..
«دقة قلبك ترسم قلبي
عمرك عمري ودربك دربي..
مشتاق لوجك يحميني
يحميني من وجوه الكذبة..»
.. استطاعت ضربات البيانو التعبير عن القلق، وعزف الكمانات عن المتخيل، ومحاولة جعل الحلم واقعاً شكلته صيغة الإيقاع الرباعي المبطئة الذي يقترب من العثرة بعد حال التوقع لا الواقع، لكن بقاء ضربات البيانو حدود القلق وعزف الكمانات الخوف من المستقبل أو انهيار الخيال الذي يداور عند «التفكير الرغبوي/Wishrul thinking»..
.. ماذا فعل كلود شلهوب في النسخة الثانية من «قصر الشوق»؟.
.. وضعت النسخة الأولى مفتتحاً للأغنيات كلها، والنسخة الثانية خاتمة لها. لم يغب إلا الكلام عن النسخة الثانية، بينما أبدل صوت مروان خوري بصوت الكمان في عزف كلود شلهوب.
.. إن حساسية العزف بالآلة والاعتماد على الإحساس الإنساني بشكل غير مباشر تخالف ظاهرياً الاعتماد على آلة الحنجرة وافتراض الحس المباشر، عندما بدا صوت مروان قلقاً عاطفياً، وباقياً في حدود حالة التخييل الحالم الذي يشعر بخوف من التوقع مصطدماً بواقع يخيب الأحلام فيلجأ إلى الصمت أو الكف تعبيراً عن الحلم المستحيل، وهذا ما استبقته «الحالة المقامية» حيث اعتمد على مقام موسيقي واحد، هو النهوند/Minor، مكنه التحرك في حدود درجاته النغمية، لكن ما تجاوزه كلود شلهوب حين خالف حالة الصمت عند المقطع الأخير لبقاء الحلم في خانة المستحيل كما سجل ذلك صوت مروان خوري نحو حالة استبقاء الجراء، بدفع «الحالة المقامية» لاستجلاب خلايا مقام آخر «الحجاز»، إتماماً لهذا الحلم ودفعه إلى الأقصى من حيز التوقع إلى عالم الواقع، لكن سيناريو اللحن ينتهي.
.. إذن، يبقى ما نسجله لمروان خوري هو ظهور شخصية غنائية، لحنية بالدرجة الأولى، تعيد صلات قربي بمن سبق وتشكل حالات تجاوز في لحظة تكوين نحو تكريس، وإذا ما كان التعبير عن هذه الشخصية لحناً عبر أصوات آخرين حقق بعض مأمولها، فهي تتجه نحو وضع ركائز بحسب تقنيات الوجود الفني، وهذا ما سيضع تجربتها على المحك الثقافي بين أن تداور في أمل ممكن وآخر ناجز عبر سنين..
6- ما بين عام 2004 و2006، كانت تحضر السيدة ماجد الرومي، شريطها: اعتزلت الغرام، حيث قدم مروان خوري لحنين، واحد من شعر نزار قباني، والآخر من كلماته، وتلحين قصيدة: «أحبك جدا» لقباني، ربما كانت التجربة الغنائية التي قادته إلى وضع كلمات شعرية يحقق فيها بعض المقاربات اللفظية والكلامية نحو أغنية مفارقة، على أن نص، قباني، يحمل معجماً حيوياً، بمثل ألفاظ شعرنت من المحكي اليومي: تورط، أشيل، لكنها تحمل سمات مشتركة بين زمني كلام ماجدة الرومي ونزار قباني، ربما جعلت من خوري نفسه يعطي، بحسب مقدرته واختياره: «يا من بدمعي».
7- فصحنة المحكي وعلمنة النحو، بينهما تناسب طردي، أي بتغذية لغة الكتابة بما جد من ألفاظ مستعملة في الخطاب اليومي في جهة وفي أخرى تفكيك قداسة اللفظ ضمن تأطير نصي ديني، إلا أن بقاء بعض ألفاظ وتراكيب النص الشعري، عند خوري، ما بين ملفوظات المعجم المحكي إلا أنها تستلهم الكثير من شعر ال «منمنمات عثمانية»، وهو أدب يبقى أثره جراء إمكانية الاستخدام في تراكيب الكتابة لا الحكي، وهو منسحب حتى على تقاليد أخرى، لا أدبية فقط، بل سياسة عربية إنما عثمانية العرف لا زالت ترشح في الخطاب السياسي المعاصر!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]